هل تعرف أن الدمى تمرض؟؟؟ راقب لعبة طفلٍ مريض.. أو لعبةً في يد طفل حركي مفعم بالحيوية والنشاط..
اللعبة تمرض لمرض صاحبها.. وتنام بنوم صاحبها.. وتنشط بنشاطه!! هي حالة واحدة.. تلك التي تمتلك فيها اللعبة حياتها.. تلك اللحظة.. التي تغفو فيها عين صاحبها خطأً!! تخيَّل تلك اللحظة.. نعم تخيَّلها تماماً مثل ما نرى في الرسوم المتحرِّكة..
كيف عرفت ذلك؟؟ رأيته "بأم عيني" كما يقول رائد أدب الرحلة ابن بطوطة*.. في ذلك اليوم.. أصبت بإعياء شديد.. احمرار وجنتاي لم يكن طبيعيا.. ولم أعد قادرة على الوقوف.. شعرت بالحرارة تحرق جسدي كله بلهيبها.. ارتديت أخف ثيابي.. واستلقيت على السرير.. أبحث عن النوم بين وسائده.. لم أنم.. ولكنني "تناومت!!"
كانت نافذتي مفتوحة.. يدخل منها النسيم عليلا كنسيم يوم ربيعي.. عيناي مغمضتان.. غير أنني كنت أسمع كل ما يدور حولي.. أحب لحظات القيلولة التي تعيد للإنسان نشاطه.. ولكن عيناي لم تغف.. ونشاطي لم يتجدد!! تغافلت عن النار المشتعلة في جسدي وفكري.. وحاولت الاستمتاع بالنسيم البارد.. والانصات للأصوات التي وجدت سبيلها إلى جثتي الهامدة..
كنت أسمع كل شيء.. خطوات المارة.. وعجلات السيارات.. في الحقيقة.. كلما ركزت في أصواتها.. كلما تمكنت من تحديد سرعتها و "وزنها!" تبادر إلى مسمعي صوت أطفال يلعبون في الحديقة المجاورة.. وكان من أجمل مااستمعت إليه.. حوار أم مع طفلها.. كانت تحاوره كما لو أنها تحاور شخصا ناضجا.. ولو لم أسمع صوته.. لاعتقدت أنها تتحدث مع أحدهم بالهاتف.. أو ربما.. تشاهد من تحب في "سكايب" .. أحيانا.. أحب هذا النوع من التقنيات.. وأحيانا أكرره.. لحظة!!!! إنني أسمع صوته.. أسمع صوته مجددا.. إنه يقترب!! أحب صوته عندما يصل لمسمعي وأنا مستلقية في الصباح.. لا أبالغ عندما أقول أن سبب انتقالي لهذا المكان هو استقباه لي!!
إنه يقف عند نافذتي يغرد.. كنت مستهلكة ولا أستطيع أن أرفع رأسي.. أحب تغريد روبن** حاولت أن أنهض كي آتي بشيء ليأكله.. هو يعرف أنني أنتظره.. ويعرف أنني دائما ما أحتفظ له بالطعام.. في ذلك اليوم.. لم أستطع النهوض.. جسدي كان أثقل من أطنان الحوت!! حاولت جاهدة ولكنني لم أتمكن حتى من أن أرفع سببابتي!! فجأة.. شعرت بحركة في الغرفة.. ركزت في الصوت.. ولكنني لم أتمكن من تمييزه.. وجهي يقابل أطراف الستائر.. لا أستطيع الاتفات.. فآثرت البقاء كما أنا..
أسمع تغريد روبن يقترب.. لا!! أنا الآن أسمع قفزاته قادمة نحوي.. عيناي مفتوحتان إلى حد الجحوظ.. أنظر من طرف عيني.. الصوت الغريب يقترب أيضا.. كأنه يحاور روبن.. رأيت روبن يلتقط فتات الخبز الذي كنت قد عزلته ليلة أمس لأقدمه بنفسي له.. لمحت طرف ثياب الشخص غريب اللهجة.. ثوب وردي.. تتناثر فيها ورود صغيرة بيضاء.. أطرافه دانتيل أبيض.. استجمعت كل قواي وقفزت من مضجعي!!
الظلام يخيم في المكان.. لا أثر لروبن.. ولاهمس في الشارع.. ثيابي تشبعت من العرق.. نهضت للاستحمام.. لبست ثيابا تدفئ جسدي.. الهواء كان أبرد من البرودة ذاتها.. فاتجهت نحو النافذة لأغلقها.. الفتات!!! هناك آثار لفتات خبز روبن.. هرعت نحو طاولة الطعام لأتأكد.. لاأثر لفتات الخبز .. دارت عيناي في أرجاء المكان.. لا شيء.. سوى دمية بثوب وردي مزركش بالورد الأبيض الصغير على أطرافه دانتيل أبيض.. تقبع فوق مدفأة المنزل التي لم أستخدمها في حياتي..
-----