Wednesday, 1 June 2011

يا حبيبي يا رسول الله! كم عانيت لتوصل الرسالة إلينا؟

بسم الله الرحمن الرحيم
قال ابن كثير: (( والمقصود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استمرّ يدعو إلى الله تعالى ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، لا يصرفه عن ذلك صارف ولا يرده عن ذلك رادّ، ولا يصدّه عن ذلك صادّ، يتبع الناس في أنديتهم، ومجامعهم ومحافلهم وفي المواسم، ومواقف الحجّ، يدعو من لقيه من حرّ وعبد وضعيف وقويّ، وغنيّ وفقير، جميع الخلق عنده في ذلك شرع سواء.. ))(1).
وكان أتباع رسول الله نُزّاعاً من القبائل وكانوا غرباء، لا قبيلة تحميهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتاد للدعوة موطّناً تحتمي به، وكان يأمر من اتّبعه من القبائل خارج مكة أن يبقوا في قبائلهم ويستخفوا حتى يظهر.

عن سالم بن أبي الجعد عن جابر قال: (( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس في الموقف، فقال: ألا رجل يحملني إلى قومه؟ فإن قريشاً قد منعوني أن أبلّغ كلام ربي ))(2).

روى عبد الله بن ذكوان عن ربيعة بن عباد الديلي قال: (( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بَصَرَ عيني بسوق ذي المجاز يقول: يا أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله، تفلحوا، ويدخل في فجاجها، والناس متقصفون عليه، فما رأيت أحداً يقول شيئاً، وهو لا يسكت يقول: أيها الناس! قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، إلا أنّ وراءه رجلاً أحول، وضيء الوجه، ذا غديرتين، يقول: إنه صابئ كاذب، فقلت: من هذا؟ قالوا: محمد بن عبد الله، وهو يذكر النّبوّة، قلت: من هذا الذي يكذّبه؟ قالوا: عمه أبو لهب. قلت: إنك كنت يومئذ صغيراً؟ قال: لا، والله إني يومئذ لأعقل ))(3).

وعن طارق بن شدّاد رضي الله عنه قال: (( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّتين، رأيته بسوق ذي المجاز، وأنا في بياعة لي، فمرّ وعليه حلة حمراء، وهو ينادي بأعلى صوته: أيها الناس، قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا، ورجل يتبعه بالحجارة، وقد أدمى كعبيه وعرقوبيه، وهو يقول: يا أيها الناس، لا تطيعوا هذا، فإنه كذّاب، فقلت: من هذا؟ فقيل: هذا غلام من بني عبد المطلب، فقلت: من هذا الذي يرميه بالحجارة، فقيل: عمه عبد العزى، أبو لهب ))(4).

وعن شيخ من بني مالك بن كنانة قال: (( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز يتخللها يقول: (( أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا )) قال: وأبو جهل يحثي عليه التراب، ويقول: أيها الناس، لا يَغُرَّنَّكم هذا عن دينكم، فإنما يريد لتتركوا آلهتكم، وتتركوا اللات والعزى، قال: وما يلتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ))(5).
---------------------------------
1) البداية 340.
(2) رواه أهل السنن، والدارمي، وأحمد، وإسناده صحيح. الغرباء ص173.
(3) رواه الإمام أحمد في مسنده 3462، 4341ـ342، والبيهقي في الدلائل 2182، والطبري في التاريخ 2348، والحاكم 15 1، المعجم الكبير 56 5، شرح أصول اعتقاد أهل السنة 4 721وانظر الغرباء ص99.
(4) مصنف ابن أبي شيبة 4 1 300، ابن خزيمة 12 8، الحاكم 2612 وصححه ووافقه الذهبي، موارد الظمآن ص406، وخلق أفعال العباد رقم194، سنن الدار قطني 344، وشرح أصول اعتقاد 4760، المعجم الكبير 8376، سنن البيهقي 16 7، سيرة ابن هشام 2 وقال البوصيري في مصباح الزجاجة 3130 وانظر الغرباء ص101.
(5) المسند 43 6، 5371، 376، البيهقي في الدلائل 2186، السير والمغازي ص231، إتحاف الخيرة المسندة 33ل1 9، وقال الذهبي إسناده قوي. السيرة ص6 8، وصحح الألباني إسناد أحمد. دفاع عن الحديث والسيرة ص22.

منقول من: http://goo.gl/6CcE3

No comments:

Post a Comment